responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 14  صفحه : 196
أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِإِزَالَةِ الْحَرَجِ عَنِ الصَّدْرِ ثُمَّ أَمَرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْإِنْذَارِ وَالتَّبْلِيغِ. الثَّانِي: قال ابن الأنباري: اللام هاهنا بِمَعْنَى: كَيْ. وَالتَّقْدِيرُ: فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ شَكٌّ كَيْ تُنْذِرَ غَيْرَكَ. الثَّالِثُ: قَالَ صَاحِبُ «النظم» : اللام هاهنا: بِمَعْنَى: أَنْ. وَالتَّقْدِيرُ: لَا يَضِقْ صَدْرُكَ وَلَا يَضْعُفْ عَنْ أَنْ تُنْذِرَ بِهِ وَالْعَرَبُ تَضَعُ هَذِهِ اللَّامَ فِي مَوْضِعِ «أَنْ» قَالَ تَعَالَى: يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ [التَّوْبَةِ: 32] وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا [الصَّفِّ: 8] وَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ: وَالرَّابِعُ: تَقْدِيرُ الْكَلَامِ: إِنَّ هَذَا الْكِتَابَ أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ وَإِذَا علمت انه تنزيل الله تعالى فاعلم انه عِنَايَةَ اللَّهِ مَعَكَ وَإِذَا عَلِمْتَ هَذَا فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ لِأَنَّ مَنْ كَانَ اللَّهُ حَافِظًا لَهُ وَنَاصِرًا لَمْ يَخَفْ أَحَدًا وَإِذَا زَالَ الْخَوْفُ/ وَالضِّيقُ عَنِ الْقَلْبِ فَاشْتَغَلَ بِالْإِنْذَارِ وَالتَّبْلِيغِ وَالتَّذْكِيرِ اشْتِغَالَ الرِّجَالِ الْأَبْطَالِ وَلَا تُبَالِ بِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الزَّيْغِ وَالضَّلَالِ وَالْإِبْطَالِ.
ثُمَّ قَالَ: وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ مَوَاعِظَ لِلْمُصَدِّقِينَ: قَالَ الزَّجَّاجُ: وَهُوَ اسْمٌ فِي مَوْضِعِ الْمَصْدَرِ. قَالَ اللَّيْثُ: الذِّكْرَى اسْمٌ لِلتَّذْكِرَةِ وَفِي مَحَلِّ ذِكْرَى مِنَ الْإِعْرَابِ وُجُوهٌ قَالَ الْفَرَّاءُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى مَعْنَى: لِتَنْذُرَ بِهِ وَلِتُذَكِّرَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَفْعًا بِالرَّدِّ عَلَى قَوْلِهِ: كِتابٌ وَالتَّقْدِيرُ:
كِتَابٌ حَقٌّ وَذِكْرَى وَيَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ وَهُوَ ذِكْرَى وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَفْضًا لِأَنَّ مَعْنَى لِتُنْذِرَ بِهِ لِأَنْ تُنْذِرَ بِهِ فَهُوَ فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ لِأَنَّ الْمَعْنَى لِلْإِنْذَارِ وَالذِّكْرَى.
فَإِنْ قِيلَ: لِمَ قَيَّدَ هَذِهِ الذِّكْرَى بِالْمُؤْمِنِينَ.
قُلْنَا: هُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى: هُدىً لِلْمُتَّقِينَ [البقرة: 2] وَالْبَحْثُ الْعَقْلِيُّ فِيهِ أَنَّ النُّفُوسَ الْبَشَرِيَّةَ عَلَى قسمين: نفوس بليدة جاهلية بَعِيدَةٌ عَنْ عَالَمِ الْغَيْبِ غَرِيقَةٌ فِي طَلَبِ اللَّذَّاتِ الْجِسْمَانِيَّةِ وَالشَّهَوَاتِ الْجَسَدَانِيَّةِ وَنُفُوسٌ شَرِيفَةٌ مُشْرِقَةٌ بِالْأَنْوَارِ الْإِلَهِيَّةِ مُسْتَعِدَّةٌ بِالْحَوَادِثِ الرُّوحَانِيَّةِ فَبَعْثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ فِي حَقِّ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ إِنْذَارٌ وَتَخْوِيفٌ فَإِنَّهُمْ لَمَّا غَرِقُوا فِي نَوْمِ الْغَفْلَةِ وَرَقْدَةِ الْجَهَالَةِ احْتَاجُوا إِلَى مُوقِظٍ يُوقِظُهُمْ وَإِلَى مُنَبِّهٍ يُنَبِّهُهُمْ.
وَأَمَّا فِي حَقِّ الْقِسْمِ الثَّانِي فَتَذْكِيرٌ وَتَنْبِيهٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ النُّفُوسَ بِمُقْتَضَى جَوَاهِرِهَا الْأَصْلِيَّةِ مُسْتَعِدَّةٌ لِلِانْجِذَابِ إِلَى عَالَمِ الْقُدُسِ وَالِاتِّصَالِ بِالْحَضْرَةِ الصَّمَدِيَّةِ إِلَّا أَنَّهُ رُبَّمَا غَشِيَهَا غَوَاشٍ مِنْ عَالَمِ الْجِسْمِ فَيَعْرِضُ لَهَا نَوْعُ ذُهُولٍ وَغَفْلَةٍ فَإِذَا سَمِعَتْ دَعْوَةَ الْأَنْبِيَاءِ وَاتَّصَلَ بِهَا أَنْوَارُ أَرْوَاحِ رُسُلِ اللَّهِ تَعَالَى تَذَكَّرَتْ مَرْكَزَهَا وَأَبْصَرَتْ مَنْشَأَهَا وَاشْتَاقَتْ إِلَى مَا حَصَلَ هُنَالِكَ مِنَ الرُّوحِ وَالرَّاحَةِ وَالرَّيْحَانِ فَثَبَتَ أَنَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا أَنْزَلَ هَذَا الْكِتَابَ عَلَى رَسُولِهِ لِيَكُونَ إِنْذَارًا فِي حَقِّ طَائِفَةٍ وَذِكْرَى فِي حَقِّ طائفة اخرى. والله اعلم.

[سورة الأعراف (7) : آية 3]
اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ (3)
اعْلَمْ أَنَّ أَمْرَ الرِّسَالَةِ إِنَّمَا يَتِمُّ بِالْمُرْسِلِ وَهُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَالْمُرْسَلِ وَهُوَ الرَّسُولُ وَالْمُرْسَلِ إِلَيْهِ وَهُوَ الْأُمَّةُ فَلَمَّا أَمَرَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى الرَّسُولَ بِالتَّبْلِيغِ وَالْإِنْذَارِ مَعَ قَلْبٍ قَوِيٍّ وَعَزْمٍ/ صَحِيحٍ أَمَرَ الْمُرْسَلَ إِلَيْهِ وَهُمُ الْأُمَّةُ بِمُتَابَعَةِ الرَّسُولِ فَقَالَ: اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ الْحَسَنُ: يَا ابْنَ آدَمَ أُمِرْتَ بِاتِّبَاعِ كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ: اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ يَتَنَاوَلُ الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 14  صفحه : 196
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست